الهرم العطري، حقيقة أم خرافة
إن كنت تعتقد أن الهرم العطري الذي تراه على صفحات المواقع أو بجانب العطور في المتاجر الكبرى والمعارض تم تصميمه لإعطائك معلومات عن مكونات العطر أو لإعطائك تصوراً عن رائحة العطر فأنت واهم وبعيد كل البعد عن الحقيقة !!
ماهو الهرم العطري ؟
كبداية، الهرم العطري هو خليط من زيوت عطرية أو ما يسمى بالنوتات العطرية و يتم تصنيفها على ثلاث طبقات :
- القمة (Top Notes)
- القلب (Heart notes)
- القاعدة (Base Notes)
تحوي قمة الهرم العطري “نوتات القمة”، المقصود بها الروائح التي ستقوم بشمها حال رش العطر مباشرة. هذه الروائح غالبا ما تكون فواحة بشكل ملحوظ وسريعة التطاير وخفيفة الوزن.
لا تستمر رائحة هذه النوتات العطرية سوى دقائق قليلة (5 – 30) دقيقة، في المتوسط نقول أنها تستمر لدقائق بسيطة. هذه الدقائق البسيطة، هي الإنطباع الأول الذي نكونه عن العطر والذي نحكم من خلاله إن كنا سنُعجب بالعطر أو لا، إن كنا نستشري العطر أو نبحث عن غيره.
تندرج تحت هذه الطبقة نوتات كثيرة مثل الحمضيات ( البرتقال، الليمون، البرغموت،،،الخ)، عشبة الليمون، اللافندر وغيرها الكثير.
قلب الهرم العطري هو الطبقة التالية بعد القمة، تسمى أيضا الطبقة المتوسطة (Middle) نوتات هذه الطبقة هي التي تعطي صفة العطر وتدور حوله محور قصة العطر وتصميمه في الغالب. تستمر رائحة هذه الطبقة في الظهور في حدود (1-3) ساعات، وقد تستمر أكثر بكثير حسب خصائص الزيوت العطرية المستخدمة وحسب فكرة التصميم.
أهم النوتات العطرية التي تندرج تحت هذه الطبقة هي النوتات الزهرية ( كالورد و الياسمين)، بالإضافة للنوتات الفاكهية ( كالخوخ والتفاح) ونوتات البهارات ( كالقرنفل والقرفة).
قاعدة الهرم العطري هي الطبقة الأخيرة في الهرم العطري وركيزته الأساسية وهي التي تعطي العمق والبعد المطلوب للعطر. تمتاز بأن نوتاتها ثقيلة وطويلة العمر أي أنها المسوؤل الرئيسي عن ثبات العطر. تستمر روائح هذه الطبقة في الظهور تدريجيا ثم تستمر لساعات طويلة (6-12) ساعة وقد نجد أنها قد تستمر ليوم كامل في بعض الأحيان.
أهم النوتات العطرية التي تندرج تحت هذه الطبقة هي النوتات الجورماند أو الأكل ( كالفانيلا و الكراميل)، وتعتبر النوتات الخشبية من أشهر معالمها ( كخشب العود والصندل وخشب الأرز)، بالطبع لن ننسى الأنواع المختلفة للمسك ونوتة الباتشولي الجميلة.
ماهي إستخدامات الهرم العطري ؟
حسناً، بعد أن تطرقنا بإسهاب إلى شرح الهرم العطري، يؤسفني القول أن الهرم العطري مجرد أداة تسويقية، بمعنى أنها وسيلة للتأثير النفسي على العملاء. يعطي الهرم العطري الإيحاء اللازم لإقناعك بوجود بعض المكونات التي تدور حولها قصة العطر في تركيبة العطر وليس بالضرورة أن هذه المكونات موجودة. قد يتضمن الهرم العطري وجود الورد أو الزنجبيل وفي حقيقة الأمر لا وجود لكليهما، أحيانا يقوم المصمم بتركيب نوتات عطرية تعطي رائحة الورد أو الزنجبيل رغم عدم وجود أي منهما في العطر. وأحيانا هنالك أمر بالغ التشويق، فمجرد أن تذكر الشركة أن الياسمين موجود في العطر عن طريق إدراجه في الهرم العطري فنحن نبرمج عقولنا على أنه موجود، ونحس ونشعر بوجوده رغم أنه ليس من ضمن الزيوت العطرية نهائيا.
من جهة أخرى فنحن عندما نرش العطر من غير المعقول أن الرشة الأولى هي عبارة عن نوتات القمة ثم تظهر نوتات القلب في رشة تالية وأخيرا نوتات القاعدة في رشة ثالثة. الطبيعي والمنطقي، أن كل رشة من العطر ستحوي الطبقات الثلاثة سوياً وهناك تداخل في النوتات وحسب سرعة التبخر لكل مكون عطري سنقوم بشم النوتات بتداخلاتها المعقدة.
لا نقول أن الهرم العطري شئ خيالي، أو أنه لايوجد تدرج للروائح العطرية من الأخف إلى الأثقل ، بالعكس توجد نقاط كثيرة صحيحة في ما تحدثنا به في وصف الهرم العطري، ولكن يجب أن نضع كل أمر في موضعه الصحيح، فالواقع يقول أنه لا يوجد مصمم عطور محترف يقوم بإستخدام الهرم العطري في عملية التصميم. ولاتوجد شركة تصميم عطور عالمية تقوم بذلك أبداً، فهنالك طرق عملية وأكثر واقعية في تصميم العطور وبشكل أكثر إحترافية.
الخلاصة
الهرم العطري أداة جيدة لشرح ماهية وكيفية تصميم العطور للمبتدئين أو المهتمين الهواة بمجال العطور، وهي أيضاً أداة تسويقية ناجحة بإمتياز تستخدمها الشركات بمختلف أحجامها للتسويق للعطور. في المقابل يجب أن نعلم أنها ليست أداة فعلية يمكن إستخدامها للتصميم العطري كما أن لها تأثير سلبي على مقيمي العطور ومقتنيها. فمقيم العطور ومقتنيها يجب أن يدرب حاسة شمه على معرفة وتمييز النوتات العطرية بطريقة طبيعية من دون أن يتأثر بوجود الإيحاءات التسويقية للهرم العطري التي ستؤثر بالتالي على جودة تقييمه للعطور وعلى موثوقية تفصيله للنوتات العطرية الموجودة.
صراحة شئ جميل ومفصل يضع النقاط على الحروف،،شكرا لجهودكم ومشاركتكم علمكم
تقبلوا فائق التحايا على مروركم الجميل